قراءة سريعة في انتخابات “المخلوطة”!
خرج المراقبون والمتابعون من إنتخابات الخامس عشر من آيار بتسميات متعددة الاّ أنها كانت انتخابات “شفافة ونزيهة” كما أصرّ وزير الداخلية بسام المولوي على تحميلها هذه التسمية البعيدة كل البعد عن ما حصل في لبنان في ذلك النهار الذي شهد ليله رياحاً عاتية ذكّرت القسم الأكبر من اللبنانيين بما كان يسمعونه عن الإعصارات القوية التي تضرب بعض السواحل الأميركية أو الاوسترالية والتي تقتلع أسطح المنازل واعمدة الكهرباء والعديد من الاشجار المعمرة.
فما حصل على هامش تلك الانتخابات لا يوحي إطلاقاً أن التسمية تنطبق على ما حصل في ذاك اليوم الماراتوني الذي إمتد لصباح الثلاثاء حتى صدرت آخر حلقات نتائجه:
** فقبل موعد الانتخابات بيومين متتاليين تحدث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمام وفود دولية عن مال “غير شرعي” ومن خارج الحدود يستهدف إرادة اللبنانيين في ظروف حياتية ومالية ومعيشية دفعه إليها بعض الغرب لتطويع اللبنانيين. ليستكمل الوزير السابق وئام وهاب المشهد لاحقاً فيتحدى المسؤولين أن يفتحوا تحقيقاً في حقائب المال التي دخلت لبنان والتي تملك حيثياتها الأجهزة الأمنية المختصة.
** وهل هي صدفة أن يظهر المساعد السابق لوزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر على الشاشات اللبنانية قبل يومين من موعد الانتخابات ليصنّف اللبنانيين والمرشحين. لتظهر النتائج اللاحقة للانتخابات وقد طار منها العديد من الوجوه السياسية أبتداء من فيصل كرامي في الشمال إلى طلال ارسلان ووئام وهاب في الشوف إلى إيلي الفرزلي في البقاع على سبيل المثال وجميعهم من المصنفين على انهم ليسوا بعيدين عن جو المقاومة؟ الأمر الذي دفع ببعض المراقبين إلى تشبيه ما حصل بانتخابات العام 1957 حين رسبت معظم الوجوه السياسية التي كانت معارضة لحكم الرئيس كميل شمعون صديق الإنكليز والساعي للدخول في “حلف بغداد”.
**وهل هي الصدفة أن ترتفع أرقام مرشحي “المجتمع المدني” بقدرة قادر لتستطيع الخرق في أكثر من منطقة في حين أن مختلف الاحصاءات والاستبيانات التي جرت طوال الأشهر الماضية لم تكن تعطيهم أي حاصل. فمن أين هبطت تلك الأرقام وبالآف الأصوات لتغدق عليهم تلك الغيرة؟ في وقت تحدّث فيه النائب فيصل كرامي عن “عملية تزوير محكمة أن حجم المخالفات جسيم جداً”. ولعل الطعون التي سيتم رفعها أمام المجلس الدستوري (ويبدو أنها عديدة) تستطيع إلقاء الأضواء على علامات الاستفهام التي رُسمت!
**هذا المجلس النيابي “المتعدد التلاوين” سيختار رئيس الجمهورية المقبل وقبله رئيسه، وأيضاً رئيس الحكومة! فلعله يستطيع تمرير تلك الاستحقاقات بأقل الأضرار الممكنة. والا فإنه سيتحول إلى مجلس يشبه مجالس مماثلة من حيث الكتل الصغيرة التي لا تستطيع التوافق على تشكيل أية حكومة، لتبقى البلاد تحت مظلة حكومة “تصريف الأعمال”.
أحد الظرفاء أطلق على هذه الانتخابات تسمية طبخة “المخلوطة” التي تضم مختلف أنواع الحبوب مع البصل والثوم فلا يستطيع ملتهمها أن يميز طعمة عن أخرى.
مرسال الترس